كلمة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي أمام مؤتمر القمة العربية  (الجزائر 1 - 2 نوفمبر 2022)
كلمة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي أمام مؤتمر القمة العربية (الجزائر 1 - 2 نوفمبر 2022)
الاربعاء ، 02 نوفمبر 2022 16:58

أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط

أصحاب المعالي والسعادة

الحضور جميعا

أود في البداية أن أعرب عن بالغ التقدير للجمهورية الجزائرية الشقيقة رئيساً وحكومةً وشعبا على حسن الاستقبال وكرم الوفادة، والجهود المبذولة كافة لإنجاح هذه القمة التي يتزامن انعقادها مع ذكرى ثورة التحرير المجيدة في هذا البلد العروبي العزيز.

كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى فخامة الرئيس قيس سعيد والحكومة التونسية على ما بذلوه من جهد خلال رئاسة تونس للدورة السابقة ومساعيهم المقدرة لتعزيز العمل العربي المشترك في مرحلة عصيبة من تاريخ أمتنا.

وأود التعبير أيضاً عن تقديرنا لجهود الأمين العام أحمد أبو الغيط، وكافة مساعديه وكادر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ومواقفهم في الدفاع عن مصالح شعبنا، وأمتنا، والأمن القومي العربي.

واسمحوا لي إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أن أعرب لكم عن عميق امتناننا لوقوفكم الثابت إلى جانب شعبنا وقيادته الشرعية، على أمل أن تمثل هذه القمة تحولاً حاسماً نحو استعادة الامن والاستقرار وإنهاء المعاناة الإنسانية التي طال أمدها في بلادنا.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

أصحاب المعالي،

كان يحدوني الأمل في أن أحمل اليكم من بلدنا المنكوب أخبارا سارة، بعدما حاولنا مع حلفائنا وشركائنا إحياء مسار السلام بالموافقة على الهدنة الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة، وتمديدها لفترتين متتاليتين.

في خضم ذلك الزخم لمسار التهدئة، المدعوم باستجابتنا الكاملة لكافة بنود الهدنة، سادت روح جديدة من التفاؤل في أرجاء البلاد بعد ثماني سنوات من الجمود، لكن هذا الأمل سرعان ما تبدد كما كان متوقعا، عندما اختارت الميليشيات الحوثية الإرهابية مجدداً التصعيد على نحو غير مسبوق، تماهياً مع استراتيجية النظام الإيراني التوسعية في المنطقة.

ففي غضون ستة أشهر من الهدنة المنهارة، وهو عمر مجلس القيادة الرئاسي الذي أتحدث باسمه اليوم نيابة عن إخواني اعضاء المجلس، والشعب اليمني، التزمت حكومتنا بكافة شروط الهدنة، وما تزال ملتزمة بها حتى اليوم، رغم رفض المليشيات الارهابية تجديد الهدنة، وعدم وفائها بالتزامها المتعلق بفتح طرق مدينة تعز المحاصرة منذ سبع سنوات.

وكانت آمال شعبنا تتطلع إلى خطوة أخرى في مسار السلام تعود بمزيد من الفوائد لشعبنا اليمني من خلال تجديد الهدنة لمدة ستة أشهر إضافية متضمنة وجهات سفر جديدة، ودفع رواتب الموظفين وفقًا لكشوفات عام2014م، في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة المليشيات الارهابية.

لكن تلك المليشيات تهربت من هذه الاستحقاقات برفض تجديد الهدنة واستهداف مينائي الضبة والنشيمة في محافظتي حضرموت وشبوة في عمل إرهابي أدى إلى وقف صادرات الميناءين الحيويين، سعياً منها لإغراق البلاد في أزمة اقتصادية وإنسانية شاملة، وإعاقة عجلة الإصلاحات الخدمية والمعيشية التي بدأها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة خلال الأشهر الماضية من عمر المجلس.

وفوق ذلك ما تزال هذه المليشيات تعلن عن تهديدات يومية للمنشآت الاقتصادية الوطنية، والبنى التحتية المدنية في عموم اليمن، ودول الجوار التي كانت في صدارة قيادة الجهود الرامية إلى إحلال السلام والاستقرار واستعادة مؤسسات الدولة اليمنية وفقاً للمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودوليا.

ولهذا بادرنا إلى تعديل استراتيجيتنا للتعامل مع هذه الجماعة المتطرفة بتصنيفها منظمة ارهابية، وندعوكم اشقاءنا الكرام لفعل الشيء نفسه، بناء على الوقائع، وتأكيداً على قرار مجلس الجامعة رقم 8725، على مستوى المندوبين الدائمين الصادر بتاريخ 23 يناير من العام الجاري، والمصادق عليه في وقتٍ لاحق من قبل المجلس الوزاري الذي يطالب الدول كافة بتصنيف هذه الجماعة منظمة إرهابية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

أصحاب المعالي والسعادة،

انني على إدراك بالتساؤلات والمخاوف التي يطرحها البعض بشأن تداعيات التصنيف الإرهابي للمليشيات الحوثية، لكن هذا التحول في استراتيجيتنا للتعامل مع هذه الجماعة يراعي تلك المخاوف وفق آليات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق والواقع الاقتصادي والاجتماعي، والشواغل الإنسانية، والقيم والمبادئ، والمصالح المشتركة التي تأسست عليها هذه الجامعة قبل 77 عاما.

ومن بين تلك الحقائق أن هذه الجماعة الارهابية تسببت في مقتل ووفاة نحو نصف مليون يمني بينهم نساء وأطفال، وشردت حوالي خمسة ملايين آخرين في أنحاء البلاد وعبر الاقطار والقارات، وزرعت ملايين الألغام، والعبوات والمتفجرات المحرمة دوليا، ودفعت بآلاف الأطفال والشباب جنودا إلى محارق الموت، وشرعت في تجريف هويتنا الوطنية، وسحقت الحقوق والمكاسب المجتمعية، ومناخ التعايش والتعدد الذي ساد بلدنا على مر التاريخ.

إضافة إلى ذلك، فإن أكثر من 80 بالمائة، من أبناء شعبنا ينتظرون اليوم المساعدات من الوكالات الإغاثية، في ظل تعنت المليشيات الإرهابية ورفضها كل الجهود والمساعي الحميدة لإحلال السلام ووقف الحرب وانهاء المعاناة.

وعلاوة على ذلك تتباهى هذه الجماعة الإرهابية باستهداف المنشآت المدنية والاقتصادية في اليمن، وعبر الحدود، وتطوير أساليب إرهابية لتهديد الملاحة البحرية، بدءاً بالزراعة العشوائية للألغام في الممرات الملاحية الدولية، ومهاجمة الناقلات التجارية بالطائرات المسيرة والقوارب المفخخة، والصواريخ الموجهة، وصولاً الى أعمال القرصنة واختطاف السفن، والمناورة والابتزاز، والتسويف بإنهاء خطر الخزان العائم صافر، الذي تهدد بكارثة بيئية كبرى في المنطقة.

وحتى تلك الفوائد المأمولة من الهدنة الإنسانية عملت المليشيات الارهابية على تقليصها بمنع النساء من السفر عبر الرحلات الجوية، واستمرار رعاية الأسواق السوداء للمشتقات النفطية، رغم السماح بتدفق مئات الآلاف من اطنان الوقود.

وعلى مدى ثمان سنوات تنصلت المليشيات الإرهابية عن جميع التزاماتها بما فيها اتفاق ستوكهولم، الذي يشمل إطلاق سراح الآف المحتجزين تعسفياً، والمختطفين والمخفيين قسراً، بل ذهبت إلى الإفراج عن المحكومين بقضايا الإرهاب، في تخادم صريح مع تنظيمي القاعدة وداعش.

ولهذا أيها الإخوة، فإن الخسائر الحقيقية الناجمة عن هذه الحرب، والرؤية الإرهابية الحوثية بشأن المستقبل، لا يمكن أن نحصرها فقط بعدد القتلى، والمدن المحطمة، ولكن أيضا بالأرض الملغومة، وفرص وأحلام أجيالنا الضائعة، وهويتنا، وأمننا القومي المحفوفين بخطر تغليب مصلحة النظام الإيراني على حساب مصالح شعبنا، وأمتنا العربية.

لذلك فقد آن الآوان للقيام بعمل عربي جماعي في اليمن يتصدى للمشروع الانقلابي التخريبي القائم على الخرافة والعنصرية، ومحاولات سلخ بلدنا عن نسيجه الخليجي والعربي، وتحويله إلى نقطة انطلاق إيرانية لتهديد الأمن القومي العربي، وامدادات الطاقة العالمية.

إن حرمان هؤلاء الارهابيين من ملاذات آمنة ومنابر تعبوية، وتجفيف مصادر تمويلاتهم، وتفكيك ايدلوجياتهم الخادعة سيكون بداية الطريق لهزيمتهم واستعادة مسار السلام الحقيقي والمستدام، على أن ذلك لن يكتمل دون مواجهة وعزل النظام الايراني الذي يمنح هؤلاء الارهابيين الملاذ، والسلاح، والمال، والإعلام.

وإنني اغتنم هذه الفرصة والقمة الرفيعة لقادة أمتنا العربية الكرام للتأكيد على ضرورة دعم كافة الجهود لمنع التدخلات الإيرانية المدمرة في شؤون بلدنا، بما في ذلك التصدي لشحنات الأسلحة، ونقل الخبرات العسكرية، والأفكار الهدامة التي توثقها دألتنا الدامغة، والتقارير الدولية المتعاقبة.

واسمحوا لي انطلاقاً من روح هذه الحقيقة، أن أتحدث بمنتهى الصراحة أنه لم تكن لدينا أي مشكلة مع إيران وشعبها الذي يتحمل الآن كل المتاعب الناجمة عن مغامرات نظامه العبثية.

إن مصلحة إيران هي في الشراكة مع جيرانها والمجتمع الإقليمي والدولي، والتركيز على خدمة ورفاهية مواطنيها، والكف عن تبديد مواردهم ومقدراتهم فيما يزعزع أمن واستقرار، وسيادة الشعوب والدول.

إن الكلمات وحدها لا تكفي أيها الاخوة لوصف حجم المخاطر المحدقة بأمننا القومي، وهو ما يتطلب منا حشد كافة الطاقات، والعمل بيقظة تامة على مدى السنوات المقبلة، لإني أدرك تماماً أن ما يواجهه اليمن اليوم، وبلدان أخرى في المنطقة، هي تحديات مشتركة وفي حال تقاعسنا عن التصدي لها، فسيلحق بنا الضرر جميعا دون استثناء.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو؛

أصحاب المعالي والسعادة؛

الحضور جميعا؛

يأتي انعقاد هذه القمة في ظروف استثنائية بالغة التعقيد وفي المقدمة الحرب في أوكرانيا، والتغييرات المناخية، وتداعياتها على أمننا الغذائي، خصوصاً أقطارنا التي تشهد نزاعات مسلحة وأزمات إنسانية من صنع جماعات متمردة على الإجماع الوطني.

وقد كانت استجابة هذه القمة الموقرة لملف التحديات المحدقة بأمننا القومي، عملاً رائعاً، حيث تتطلع شعوبنا إلى معالجات جماعية لتأمين غذائها والحد من تداعيات هذه الأزمات المتشابكة على مستويات المعيشة والتدفق الآمن للغذاء والسلع الأساسية.

ولا شك أن تداعيات هذه المتغيرات، كانت أكثر وضوحاً وتشعباً، وعمقا على أمن الغذاء في اليمن الذي يستورد نحو 45 بالمائة من احتياجاته للقمح الأوكراني والروسي.

ولذلك فإنني أضم صوتي إلى الأصوات الداعية لتفعيل دور مؤسساتنا العربية المشتركة، بما في ذلك البناء على المبادرات والمقترحات الرامية لإنشاء تكتل اقتصادي ضامن للأمن الغذائي العربي، والحد من الاثار المدمرة للأزمات الدولية الراهنة، خصوصا على البلدان الأكثر هشاشة، كجزء من استراتيجية عربية شاملة للتنمية والاستثمار في مواردنا المتاحة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

أصحاب المعالي والسعادة،

الإخوة والاخوات الحضور جميعا..

بعد أكثر من سبعة عقود على تأسيس هذه المنظمة العريقة ما تزال فلسطين وستظل قضية العرب المركزية، ورمز لأطول نضال في التاريخ من أجل الحرية والاستقلال، وبناء الدولة الفلسطينية المنشودة.

لذلك فإننا نجدد التأكيد على موقفنا الثابت من القضية الفلسطينية العادلة، التي ستحظى بدعمنا السياسي الكامل في مختلف المحافل، وفقاً لحل الدولتين والمبادرة العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، كما تؤيد الجمهورية اليمنية حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

كما تلتزم الجمهورية اليمنية كعضو مؤسس باستمرار دعم جامعة الدول العربية، والترحيب بكافة المبادرات لتعزيز مكانتها كمظلة وبيت لكل العرب وفضاء مشترك لتوحيد الكلمة وتنسيق الجهود حفاظاً على مصالح أمتنا وازدهارها، وأمنها القومي.

وإنني أجدها مناسبة في هذا السياق للتعبير عن امتناننا العميق لأشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة الذين سالت دماؤهم معنا، دفاعاً عن أرضنا ومصالحنا ومؤسساتنا، وإعادة بناء خدماتنا، وتوحيد صفوفنا، والذود عن الأمن القومي العربي، تأكيداً لمعاني التضامن والتكامل التي أكد عليها ميثاق جامعة الدول العربية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

الإخوة والاخوات الحضور جميعا..

لقد كان من دواعي سروري أنني التقيت بعدد من الزعماء والقادة المتواجدين معنا هنا اليوم.. وإنني وإخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة نتطلع إلى دعمكم جميعاً لجهود استعادة مؤسسات الدولة، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وإقرار الآليات الجماعية المناسبة على هذه الصعد، وبعون الله ستمثل هذه القمة في أرض الجزائر العزيزة بداية لصنع التحول واستعادة الريادة العربية، وأن يتم تذكرها باعتبارها قمة السلام، والتضامن، ولم الشمل، والموقف الحازم لحماية مصالح الأمة العربية وأمنها القومي.

كل الشكر لكم مجدداً أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون...

وكل الأمنيات بالتوفيق والنجاح لهذه القمة لما فيه خير وازدهار الأمة ومصالحها المشتركة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رئيس مجلس القيادة يتسلم دعوة من ملك البحرين لحضور القمة العربية

استقبل فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليوم الخميس، الشيخ علي بن عبد الرحمن آل خليفة سفير مملكة البحرين الشقيقة لدى المملكة العربية السعودية الذي سلم فخامته دعوة من أخيه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين لحضور القمة العربية المقرر عقدها في المنامة منتصف الشهر المقبل.

المزيد