نص خطاب فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي بمناسبة اليوم الوطني ال 34 للجمهورية اليمنية
نص خطاب فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي بمناسبة اليوم الوطني ال 34 للجمهورية اليمنية
الثلاثاء ، 21 مايو 2024 20:21

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أبناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج،،

أحييكم بمناسبة هذا اليوم المجيد، يوم ميلاد الجمهورية اليمنية.. اليوم الذي تجلت فيه روح التاريخ، و تحققت الآمال الكبيرة للأجيال المتعاقبة في جنوب الوطن، وشماله.

و رغم ما يعيشه الوطن الكبيراليوم من ظروف استثنائية جراء انقلاب المليشيات الحوثية الإرهابية، وما خلفه ذلك من خراب ودمار، فإن الثاني والعشرين من مايو، سيظل مناسبة جليلة محاطة بالتقدير، ولحظة تاريخية جديرة بالتأمل، والتعلم، والمبادرة الواعية لحماية توافقنا الوطني، وإرادة شعبنا، وضمان المشاركة الواسعة في صنع القرار، دون إقصاء أو تهميش. 

وإنه لمن دواعي الاعتزاز، أن تأتي هذه المناسبة وقد أصبح فيه تحالفنا الجمهوري أقوى وأكثر التفافاً حول أهدافه الوطنية الكبرى، التي ينتصر فيها شعبنا لتضحيات الأبطال من قواتنا المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية، ولمدننا الصامدة وهي تخوض جولة أخرى من المعركة المصيرية ضد مشروع الإمامة العنصري، المستبد، والعميل للنظام الإيراني.

أيها المواطنون أيتها المواطنات في كل مكان،،

إن الوحدة اليمنية منذ تبلورت كفكرة، ودعوة وطنية، وحتى ولادتها كواقع ملموس، مثلت في جوهرها مشروعا حضاريا متكاملا، ارتكز على جملة من المبادئ السامية، أهمها: تعزيز الوحدة الوطنية، و الشراكة الواسعة في السلطة، والثروة، وتحقيق العدالة والمساواة، وسيادة القانون.

ومثلما يتمسك اليمنيون الأحرار في شمال الوطن، وجنوبه بمضامين هذ المشروع النهضوي، فإنهم يرفضون بشدة إفراغه من مضمونه الوطني، و السياسي، و الأخلاقي، و أن يغدو مجرد شعار مظلل يخفي وراءه نزعة التسلط، والتفرد بالسلطة والثروة.

وهي النزعة التي تجسدها اليوم المليشيات الحوثية الإرهابية، التي تتشدق بحديثها الأفاق عن الوحدة اليمنية، في حين أنها تمعن كل يوم بتكريس وقائع للتقسيم ماديا، ومعنويا، وتعمل بشكل ممنهج على تفتيت البنية الاجتماعية وتشطير مكوناتها على أساس طبقي، و طائفي، ومناطقي.

ولهذا فإننا نؤكد التزامنا الكامل بتعهداتنا السابقة في هذه المناسبة، وفي المقدمة اعتبار القضية الجنوبية أساسا للحل الشامل، وانفتاحنا على كل الخيارات لتمكين أبناء شعبنا من تحقيق تطلعاتهم، وتقرير مركزهم السياسي، و نمائهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي بموجب المرجعيات الوطنية، والإقليمية والدولية.

ويكفي أننا نجتمع اليوم في العاصمة المؤقتة عدن كقيادة توافقية موحدة، لمواجهة المخاطر المتجددة كما فعل أسلافنا الأوائل على مدى نحو سبعة عقود من الدفاع عن النظام الجمهوري الذي لم يسبق أن مر بوقت أكثر صعوبة مما يعيشه الآن، حيث تطارد جماعة إرهابية بشكل هستيري، أهلنا في كل مكان، مودية بحياة مئات الآلاف من الأرواح، وتشريد الملايين على نحو يفوق كل الحروب العنصرية على مر تاريخها المظلم.

يا أبناء شعبنا اليمني العظيم،،

إننا في هذا اليوم، ومثلما نشيد بمناقب الرعيل الأول الذي ساهم في ولادة الجمهورية اليمنية، فإننا أيضا نعبر بكثير من التقدير لأولئك الذين تصدروا تصويب مسار هذا المشروع الوطني بعد حرب صيف عام 1994، بدءا بانطلاق الحراك الجنوبي السلمي، ومرورا بالمطالب الشعبية بالتغيير، وصولا إلى قوافل الشهداء والجرحى من أبناء القوات المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية المناهضة للمشروع الحوثي الإمامي.

لذلك قبيل حلول هذه المناسبة الوطنية، كرمنا أولئك الأبطال الشجعان الذين دفعوا حياتهم ثمنا للحرية، وليس هناك أفضل من أن تستلهم كافة المكونات السياسية إرثهم، وصمودهم بمزيد من الاصطفاف وحشد كافة الامكانيات والطاقات لاستعادة مؤسسات الدولة، وردع المشروع الإيراني الذي يتربص بنا جميعا دون استثناء.

والحقيقة أن من يمعن النظر في حركة التاريخ، يدرك بوضوح أن الوحدة اليمنية، وحيثيات القضية الجنوبية وجهان لفكرة واحدة، وحلم واحد.. وجهان لليمن الجمهوري التعددي، و النظام القائم على العدالة والمساواة، وسيادة القانون.

وهذا هو الوطن الجديد الذي نسعى أنا وإخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، إلى تجسيده واقعا بقدر المستطاع؛ من خلال العمل الدؤوب لتصويب الأخطاء، وإعادة بناء المؤسسات، والتمسك الصادق بقيم الشراكة في السلطة والثروة، والتوافق الوطني، ومن خلال تمكين السلطات المحلية، و تعزيز استقلاليتها و دعم آليات الحكم الرشيد، و ترسيخ لامركزية السلطة، على أنقاض فكرة المراكز المقدسة للحكم.

 أيتها المواطنات، أيها المواطنون الكرام،،

إن الطريقة المثلى للاحتفاء بالأعياد الوطنية، تكون بالوقوف الجاد لمواجهة التحديات القائمة، والعمل على معالجة قضايا الحاضر، ومتطلبات المستقبل دون الاستغراق في تباينات الماضي، وصراعاته، وإنما تحويله إلى فرصة للمراجعة والتقييم، والمضي قدما نحو مستقبل أفضل.

ولا يخفى على أحد أننا  نقف اليوم أمام لحظة مفصلية على كافة المستويات المحلية والإقليمية و الدولية، وهي لحظة غنية بالفرص لكنها أيضا مليئة بالتحديات.

وسيظل العامل الحاسم في قدرتنا على تحقيق أهدافنا الوطنية؛ هو مدى تمسكنا بوحدة الصف، و واحدية الهدف.

و على مدار الأشهر الماضية، فشل الإرهابيون الحوثيون -بخلاف ما صورت لهم أوهامهم- في إدارة المعركة السياسية والديبلوماسية، و الاقتصادية أمام مؤسسات الدولة الشرعية، وقواها الوطنية.

وانتهى بهم المطاف إلى مزيد من العزلة المحلية والدولية، رغم رهاناتهم الانتهازية على ركوب موجة التعاطف العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية العادلة، والمزايدة بأوجاع شعبها العظيم.

لذلك ليس هناك من خيار اليوم أمام عملاء إيران سوى الجنوح نحو السلام، وهو ما يرفضونه شكلا ومضمونا حتى الآن، أو الذهاب باتجاه مغامرة عسكرية شاملة، لفرض إرادتهم القمعية على الشعب اليمني الذي قاوم، وسيقاوم هذا المشروع الاستبدادي إلى الأبد.

و قد بات جليا أن مليشيا الحوثي الإرهابية، وبعد أن أمعنت في تهديدها العبثي للملاحة الدولية، تعتقد أن بوسعها الاستدارة لإشعال المعارك في الجبهات الداخلية.

وإننا في هذا السياق نؤكد وحدة، وجاهزية القوات المسلحة والأمن بكافة تشكيلاتها، لردع أي مغامرة عدائية، وقد اختبر الانقلابيون بمرارة خلال الاسابيع الماضية بعضا من بسالة قواتنا المرابطة على مختلف الجبهات.

وفي هذه المناسبة، وجب علينا التأكيد أن مجلس القيادة الرئاسي لم ولن يتخل يوما عن نهجه الصارم في مقاومة المشروع الحوثي الإمامي، المدعوم من النظام الإيراني، على طريق استعادة مؤسسات الدولة وإسقاط الانقلاب.

أما بخصوص الموقف من السلام، فإن مجلس القيادة الرئاسي يشدد على المبادىء الأربعة التي أكدنا عليها مرارا: أولا التمسك بالمرجعيات الوطنية والإقليمية، والدولية، وعلى وجه الخصوص القرار 2216، وثانيا: التأكيد على عدم المساس بالمركز القانوني و السياسي للدولة العضو في الأمم المتحدة، وثالثا: شمولية أي عملية سلام وحمايتها بضمانات إقليمية ودولية، بما في ذلك حضور القضية الجنوبية، في أي مشاورات مقبلة.

ورابعا: استمرار سياسة الانفتاح على كافة جهود الوساطة المرتبطة بتخفيف معاناة مواطنينا، وتأمين مصالحهم وسبل عيشهم الكريم.

أيها الشعب العظيم،،

نعلم جيدا أن أيام الصيف الحارة، ألهبت معاناتكم على نحو مضاعف، خصوصا في المناطق الساحلية، لاسيما العاصمة المؤقتة عدن.

و للأسف الشديد فإن الأزمة الراهنة على المستويين الخدمي والاقتصادي، لم تكن فقط وليدة تقصير حكومي، وإلا لكان من السهل علينا مقاربتها، بل أن سببها الجوهري يكمن في سلوك المليشيات الحوثية الإرهابية التي استهدفت منشآت النفط، وأخرجتها عن التصدير منذ عامين، ومن ثم ذهبت إلى تهديد السفن التجارية في مياهنا الإقليمية، وهو ما فاقم من الأعباء الاقتصادية على بلدنا، شعبا، وحكومة.

ومع ذلك فإن إرهاب المليشيات الحوثية لا يعفينا من مسؤولية العمل على تحسين الأوضاع وإنهاء أزمة الطاقة المزمنة، وقبل ذلك تقدير صبر مواطنينا الذين يتحملون العبء الأكبر من المعاناة.

لهذا نحن نعمل على هذا الصعيد ضمن مسارين: الأول هو المسار الاسعافي الذي وجهنا بأن تتولاه الجهات التنفيذية المعنية من خلال حلول عاجلة لتأمين الوقود اللازم لتشغيل المنظومة الكهربائية القائمة، وزيادة قدراتها التوليدية، والاستجابة الفورية لأي طارىء.

أما المسار الثاني فهو مسارالتوليد الكهربائي الذي يعمل عليه مجلس القيادة الرئاسي منذ عامين مع الحكومة، والسلطات المحلية لوضع استراتيجية شاملة هدفها إيجاد حلول جذرية لمشكلة الكهرباء بدعم من أشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وهنا يجدر الإشارة إلى أن انفراجة قريبة في الخدمة، ستأتي من استدامة امدادات الوقود، واستكمال دخول 120 ميجا وات إلى التوليد الشهر المقبل في محافظة عدن من محطة الطاقة المتجددة، إضافة إلى دخول 25 ميجا وات حيز التوليد بمديرية المخا في محافظة تعز.

كما يتم العمل على إنشاء محطة للطاقة المتجددة بقدرة 56 ميجاوات في محافظة شبوة كمرحلة أولى، و50 ميجا في الخوخة وحيس، بينما يجري الاستعداد لبناء محطات كهربائية في حضرموت بقدرة 25 ميجاوات، وأخرى في تعز بقدرة 30 ميجا، وثالثة بالرياح في رأس العارة بقدرة 100 ميجاوات، كما تعمل الحكومة على زيادة قدرة التوليد من محطة الرئيس بعدن إلى أكثر من 200 ميجا وات بعد أن تم تجديد شبكة التوزيع المتهالكة بالكامل خلال العامين الماضيين، في حين يدعم الأشقاء الكويتيون مشروع إعادة صيانة، وتأهيل محطة مأرب الغازية بمبلغ 40 مليون دولار، إضافة إلى مساهمات مقدرة من جانب السلطة المحلية في المحافظة.

وبقدر ما يتطلب النجاح في المسار الأول مزيدا من التفاني والعمل من قبل أجهزة الدولة، فإن التقدم في المسار الثاني يتطلب مزيدا من الصبر، والاستعداد لتقديم الكلفة التي يتطلبها أي تغيير إيجابي شامل لتحسين الخدمات وتعافي الاقتصاد.

أيها الشعب العظيم،،

في الختام اسمحوا لي باسمي وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، أن اجدد الشكر والتقدير لأشقائنا في دول تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على دعمهم المستمر لشعبنا، وقيادته السياسية، وتطلعاته في السلام والاستقرار والتنمية.

وهي مناسبة أيضا لإرسال عظيم التهاني، و الامتنان والعرفان إلى أبطال القوات المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية المرابطين في محتلف الجبهات، دفاعا عن الكرامة، والهوية، والجمهورية في ملحمة أسطورية، سيمثل النصر فيها تحولا جذريا ليس في القدرة على معالجة آثار الماضي فقط، ولكن بقدر أكبر في الوفاء باستحقاقات المستقبل.

الرحمة للشهداء،،

الشفاء للجرحى،،

والحرية للأسرى،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته